(فائدة)
قال الغزالي في (المستصفى): مسائل أصول الفقه نحو كون الإجماع حجة، والقياس حجة، وخبر الواحد حجة، ومن جملها خلاف من جوز خلاف الإجماع المنبرم قبل انقضاء العصر، وخلاف الإجماع الحاصل عن اجتهاده، ومنع المصير إلى أحد قولي الصحابة - رضوان الله عليهم - وكذلك التابعون - عند اتفاق الأمة بعدهم - على القول الآخر، وكون المصيب واحدًا في الظنيات.
فهذه مسائل أدلتها قطعية، والمخالف فيها آثم مخطئ، كما قلنا في مسائل أصول الدين، والقطعيات من الفقهيات: كـ (الصلاة) ن (والزكاة)، (والحج)، (والصوم)، و (تحريم الزنا)، و (القتل)، و (السرقة)، (والشراب)، وكل ما علم قطعًا من الدين، فالحق فيها واحد، وهو المعلوم، والمخالف فيه آثم؛ فإن أنكر ما علم ضرورة: كتحريم الخمر؛ فهو كافر، أو بطريق الظن، نحو كون الإجماع حجة، والقياس وخبر الواحد، وكذلك الفقهيات المعلومة بالإجماع، لا يكون المنكر لذلك كافرًا، بل آثم مخطئ، والظنيات لا إثم فيها - هذا مذهب الجماهير.
وسوى بشر المريسي، فألحق الفروع بالأصول، فأثم المخطئ.
والجاحظ، والعنبري عكسا القضية، وألحقا الأصول بالفروع، فلم يؤثما.
وقال العنبري: كل مجتهد في الأصول مصيب، وليس فيها حق متعين.
وقال الجاحظ: الحق متعين، لكن المخطئ معذور.
قلت: وهذا التصريح عن العنبري لم يصرح به في (المحصول)،