(تنبيه)
قال التبريزى على قوله: (إن الله - تعالى - نصب على هذه المطالب أدلة قطعية): إنه ضعيف؛ لجواز عدم الظفر بسبب الختم والطبع والصرف، وكيف لا يقيم عذره كثرة الشبهات التي لا يكاد يميز بينها، وبين الأدلة إلا بعد إفضاء النظر، ولعل عذره في عدم الظفر بها أوسع من عذر المجتهد في عدم الظفر بأمارات الفروع؟، ثم إنا إذا فرضنا أن قد استعمل فكره، واستفرغ جهده، وفاته الحق لكلال نظره، وبلادة خاطره وجب أن يكون معذورًا؛ لأن المانع من غيره على أن ما ذكروه منقوض بما لو توهم أجنبية حليلته بخيال، أو انتباه من نوم، فإنه لا يأثم بوطئها، وإن كان عليه أدلة قاطعة، فإذن الاعتماد فيه على السمع.
قلت: أما عذره بخطئه، فلا يحصل؛ لما تقدم من أن عقائد الدين شدد فيها ما لم يشدد في غيرها، وأما كون الزنا قطعيًا، وتحريمه من ضروريات الدين فمسلم، غير أن إباحته جائزة على الله - تعالى -، فله - سبحانه وتعالى - أن يراعي الأصلح للعباد، وألا يراعيه، غير أن عادته - تعالى - التفضل على عباده بشرع يحصل المصالح، ويدرأ المفاسد، على سبيل التفضل.
أما أصول الديانات، فالذي يعتقده المخطئ فغير جائز على الله - تعالى - فهذا هو الفرق.
قالوا: وهو السر في كون أصول الدين لا يجوز الاعتماد فيه على الظن؛ فإن الظان فيه يجوز على الله - تعالى - ما هو مستحيل عليه، بخلاف الظن في الفروع، إذا جوز خلاف الحكم المظنون؛ فإنه جائز على الله - تعالى - وهذا فرق عظيم بين البابين.