قال: وأرى أنه يتعين عليه العمل به، ولا يتوقف وجوب العمل على المجتهدين على انتظام الأسانيد، بل الثقة؛ لأن الذين كانوا يرد عليهم كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يجب عليهم العمل، ومن بلغه ذلك، وإن لم يسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا من مستمعين، ولذلك لو وجد في مسند البخاري حديثًا يثق أنه لم يرتب أنه من النسخة الأصلية؛ لأن المقصود حصول الثقة، وهذا لا يوافق عليه المحدثون؛ فإن فيه سقوط منصب الرواية عند ظهور الثقة، وهم عصبة لا مبالاة بهم في حقائق الأصول.
(مسألة)
قال الإمام في (البرهان): ظاهر مذهب الشافعي أن القراءة الشاذة المنقولة بأخبار الآحاد لا تنزل منزلة خبر الواحد، واحتج به أبو حنيفة.
ولذلك جرى الخلاف بينهم في اشتراط التتابع في كفارة اليمين؛ لأنها قرئت: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات).
فنفى الشافعي التتابع، وأثبته أبو حنيفة بهذه القراءة الشاذة.
لنا: أن مثل هذا تتوفر الدواعي على نقله لو كان صحيحًا لحملة القرآن، وهذا بخلاف القراءات، فإنها متواترة.
قال المازري في (شرح البرهان): أصل المسألة أن القراءة الشاذة هل هي مما يقطع بكذب ناقلها، لكونها تتواتر لتوفر الدواعي على نقلها عادة أم لا؟.
ووقع الاتفاق أنها لا تقرأ في المحاريب، ولا تكتب في المصاحف؛ لأن ذلك عنوان الثقة بها، والقطع عليها.