المسألة الثامنة
قال الرازي: خبر الواحد: إما أن يقتضي علمًا، أو عملاً: فإن اقتضى علماً فإما أن يكون في الأدلة القاطعة ما يدل عليه، أو لا يكون:
فإن كان الأول: جاز قوله؛ لأنه لا يمتنع أن يكون- عليه الصلاة والسلام- قاله، واقتصر به على آحاد الناس، واقتصر بغيرهم على الدليل الآخر.
وإن كان الثاني: وجب رده، سواء اقتضى مع العلم عملًا، أو لم يقتضه؛ لأنه لما كان التكليف فيه بالعلم، مع أنه ليس له صلاحية إفادة العلم -كان ذلك تكليفًا بما لا يطاق، اللهم إلا أن يقال: لعله- عليه الصلاة والسلام- أوجب العلم به على من شافهه؛ دون من لم يشافهه؛ فإن ذلك جائز، فأما إذا اقتضى عملًا، وكان البلوى به عامًا، فعندنا: لا يجب رده، وعند الحنفية: يجب رده.
لنا وجوه:
أحدها: عموم قوله تعالى: {ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم} وقوله: {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}.
وثانيها: أن خبر الواحد العدل في هذا الباب يفيد ظن الصدق فيكون العمل به دافعًا لضرر مظنون؛ يكون واجبًا.
وثالثها: رجوع الصحابة إلى عائشة- رضي الله عنها- في التقاء الختانين، مع أن ذلك مما تعم به البلوى.
ورابعها: أن البلوى عام؛ بمعرفة أحكام القئ، والرعاف، والقهقهة في