ولا شك في أن الفسق يناسب عدم القبول؛ فثبت بما ذكرنا: أن خبر الواحد، لو وجب ألا يقبل، لامتنع تعليل ألا يقبل خبر الفاسق، بكونه فاسقًا، وثبت أنه معلل به، فخبر الواحد لا يجب ألا يقبل؛ فهو إذن مقبول في الجملة.
ومن الناس: من تمسك بالآية على وجه آخر؛ وهو أنه تعالى أمر بالتثبت؛ بشرط أن يكون الخبر صادرًا عن الفاسق، والمشروط بالشيء عدم عند عدم الشرك؛ فوجب ألا يجب التثبت، إذا لم يوجد مجيء الفاسق، فإذا جاء غير الفاسق ولم يتثبت: فإما أن يجزم بالرد؛ وهو باطل؛ وإلا كان خبر العدل أسوأ حالًا من خبر الفاسق، وهو باطل بالإجماع؛ فيجب القبول؛ وهو المطلوب.
القسم الثاني
فيما لا يقطع بكونه صدقًا ولا كذبًا
قال القرافي: قوله: (الدليل على كونه حجة):
قلت: هذه الفهرسة غير وافية بالمقصود؛ لاندراج المشكوك فيه فيها؛ فإنه لا يقطع بصدقه، ولا بكذبه، بل لا بد أن نقول: هو المفيد للظن من جهة العدل أو العدول، فقولنا: (المفيد للظن) خرج المشكوك فيه.
وقولنا: (من جهة العدل) خرج إخبارات الكفرة والفسقة؛ فإنها تفيد الظن؛ لكونه غير معتبر، وليس مقصودًا لنا، وقولنا: (أو العدول) ليندرج خبر الجماعة إذا أفاد الظن؛ فإنا لا نعنى بخبر الواحد أنه خبر المنفرد، بل وقع الاصطلاح على أنه ما أفاد الظن، وإن كان خبر جماعة، وهذا وضع عرفي لا لغوي.
(تنبيه)
ينبغي أن نعلم أن أصل القسمة ثلاثة: تواتر، وآحاد، ولا تواتر ولا آحاد، وهو خبر الواحد إذا احتفت به القرائن، فليس تواترًا؛ لاشتراطنا في