فالتقييد لازم عليكم؛ كما أنه لازم علينا؛ فعليكم الترجيح، ثم إنه معنا؛ لأن غير المجتهد أكثر من المجتهد، والتقييد كلما كان أقل، كان أولى.
وعن الثاني: أنه إذا كان المراد من (الإنذار) القدر المشترك بين الفتوى والرواية، والمأمور به إذا كان مشتركًا فيه بين صور كثيرة، كفى في الوفاء بمقتضى الأمر الإتيان بصورة واحدة من تلك الصور؛ لأنه إذا كان المطلوب إدخال القدر المشترك بين الفتوى والرواية في الوجود، وذلك المشترك يحصل في الفتوى-فالقول بكون الفتوى حجة يكفي في العمل بمقتضى النص؛ فلا تبقى للنص دلالة على وجوب العمل بالرواية.
سلمنا أن المراد من (الإنذار) رواية الخبر فقط؛ لكن لم لا يجوز أن يكون المراد رواية أخبار الأولين، وكيفية ما فعل الله تعالى بهم؟ لأن سماع أخبارهم يقتضى الاعتبار؛ على ما قال الله تعالى: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب} [يوسف: 111] أو يكون المراد منه التنبيه على وجوب النظر والاستدلال.
سلمنا أن الآية تقتضى وجوب الحذر عند خبر الطائفة؛ فلم قلت: إن (الطائفة) اسم لعدد لا يفيد قولهم العلم؟.
قوله: (لأن كل ثلاثة فرقة، والخارج من الثلاثة واحد أو اثنان):
قلنا: لا نسلم أن كل ثلاثة فرقة؛ فما الدليل؟.
ثم إن الذي يدل على بطلانه وجهان:
الأول: أنه يقال: الشافعية فرقة واحدة، لا فرق، ولو كان كل ثلاثة فرقة، لما كان الشافعية واحدة، بل فرقًا.