أسلمتموه حتى إذا جعلتموه في القبضة، قتلتموه، والله، لأطلبن بدمه). فقال عبيد بن أم كلاب: هذا، والله تخليط يا أم المؤمنين.
الحكاية الثالثة: الخصومة العظيمة التي كانت بين عبد اله بن مسعود، وأبي ذر، وعمار، وبين عثمان، والخصومة التي كانت بين عبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم- حتى آل الأمر إلى الضرب والنفي عند البلد واللعن، وكل ذلك يقتضي توجه القدح إلى عدالة بعضهم.
الحكاية الرابعة: مقتل عثمان- رضي الله عنه- والجمل وصفين، ثم قالت الخوارج: رأينا هؤلاء المحدثين يجرحون الراوي بأدنى سبب، ثم إنهم مع علمهم بهذه القوادح العظيمة يقبلون روايات الصحابة، ويعلمون بروايات القادح والمقدوح فيه؛ وهذا ليس من الدين في شيء، بل هؤلاء المحدثون أتباع كل من عز، وعبيد كل من غلب، ويروون لأهل كل دولةٍ في ملكهم، فإن انقضت دولتهم، تركوهم.
ومما رواه الكل: (أن إمامًا سيكون منهم، وأنه سيملأ الأرض عدلًا بعد أن ملئت جورًا) فروت الحسينية ذلك لنفسها، وروت العباسية لنفسها حتى سموا ولد المنصور مهديًا، وحتى روت الأموية مثل ذلك في السفياني، وسموا سليمان بن عبد الملك مهديًا، وحتى روت اليمانية في الأصغر القحطاني، إلى أن خرج ابن الأشعث على ذلك الطمع تارة، ويزيد بن المهلب أخرى.
ورابعها: قالوا: إنا نعلم بالضرورة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - متى كان يشرع في الكلام، فالصحابة ما كانوا يكتبون كلامه من أوله إلى آخره لفظًا، وإنما كانوا يسمعونه، ثم يخرجون من عنده، وربما رووا ذلك الكلام بعد ثلاثين سنة.