وأما زعمك: أنه قتل عثمان، فلعمري لو قتل عثمان ما كنت منه شيءٍ.
وإنك لكاذب.
قال الخوارج: فهذه المشاتمة العظيمة المتناهية التي دارت بينهم تدل على أنهم ما كانوا يمسكون ألسنتهم عن القذف والقدح في الدين والعرض؛ وذلك يوجب القدح العظيم في إحدى الطائفتين.
الحكاية الثانية: أن عثمان- رضي الله عنه- أخر عن عائشة رضي الله عنها بعض أرزاقها، فغضبت، ثم قالت: (يا عثمان، أكلت أمانتك، وضيعت الرعية، وسلطت عليهم الأشرار من أهل بيتك، والله، لولا الصلوات الخمس، لمشى إليك أقوام ذوو بصائر، يذبحونك كما يذبح الجمل) فقال عثمان- رضي الله عنه-: {ضرب الله مثلًا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط} [التحريم: 10] الآية، فكانت عائشة- رضي الله عنها- تحرض عليه جهدها وطاقتها، وتقول: (أيها الناس، هذا قميص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يبل، وقد بليت سنته، اقتلوا نعثلًا، قتل الله نعثلًا) ثم إن عائشة ذهبت إلى مكة، فلما قضت حجها، وقربت من المدينة، أخبرت بقتل عثمان، فقالت: ثم ماذا؟ فقالوا: بايع الناس على بن أبي طالب، فقالت عائشة: (قتل عثمان والله مظلومًا، وأنا طالبة بدمه، والله، ليوم من عثمان خير من على الدهر كله).
فقال لها عبيد بن أم كلاب: ولم تقولين ذلك؟ فوالله ما أظن أن بين السماء والأرض أحدًا في هذا اليوم أكرم على اله من علي بن أبي طالبٍ، فم تكرهين ولايته؟ ألم تكوني تحرضين الناس على قتله؛ فقلت: (اقتلوا النعثل، فقد كفر)؟ فقالت عائشة: (لقد قلت ذلك، ثم رجعت عما قلت، وذلك أنكم