ولأن المعتزلة اتفقوا على حسن المعاريض؛ على أنه لا معنى لها إلا الخبر الذي يكون ظاهره كذبًا، ولكنه عند إضمار شرط خاص، وقيد خاص يكون صدقًا، وإذا كان كذلك، ثبت أنه لا يمكن تفسير الكذب الممتنع على الله تعالى بالوجه الأول.
وأما التفسير الثاني: فنقول: نسلم أنه قبيح بتقدير الوقوع، ولكنه غير ممكن الوجود؛ لأنه لا خبر يفرض كونه كذبًا إلا، وهو بحال متى أضمرنا فيه زيادة، أو نقصانًا، صار صدقًا، وعلى هذا التقدير، يرفع الأمان عن جميع ظواهر الكتاب والسنة.
فإن قلت: (لو كان مراد الله غير ظواهرها، لوجب أن يبينها، وإلا كان ذلك تلبيسًا؛ وهو غير جائز.
ولأنا لو جوزنا ذلك، لم يكن في كلام الله تعالى فائدة، فيكون عبثًا؛ وهو غير جائز):
قلت: الجواب عن الأول: ما الذي تريد بكونه تلبيسًا؟
إن عنيت به: أنه تعالى فعل فعلًا لا يحتمل إلا التجهيل والتلبيس، فهذا غير لازم؛ لأنه تعالى، لما قرر في عقول المكلفين: أن اللفظ المطلق جائز أن يذكر، ويراد به المقيد بقيد غير مذكور معه، ثم أكد ذلك بأن بين للمكلف وقوع ذلك في أكثر الآيات والأخبار؛ فلو قطع المكلف بمقتضى الظاهر، كان وقوع المكلف في ذلك الجهل من قبل نفسه، لا من قبل الله تعالى؛ حيث قطع، لا في موضع القطع، وهذا كما يقال في إنزال المتشابهات؛ فإنها، وإن كانت موهمة للجهل،