جدا، مع أن كل واحد منهم لا يعرف حدوث تلك المقالة، ولا زمان حدوثها، وبهذا الطريق تحدث الأراجيف بين الناس.
وبالجملة: فعليهم إقامة الدلالة على فساد هذا الاحتمال.
ثم الذي يفيد القطع بصحة ما ذكرنا: أن الوقائع الكبار التي وقعت لعظماء الملوك الذين كانوا قبل الإسلام، بل كيفية وقائع نوح، وإدريس، وموسى، وعيسى، عليهم السلام لم ينقل شيء منها إلينا نقل الآحاد؛ فضلا عن التواتر، مع كونها من الأمور العظام، فعلمنا أن وصول الأخبار إلينا غير واجب.
فإن قلت: (ذلك):؛ لتطاول مدتها، أو لعدم الداعي إلى نقلها).
قلت: فلابد من ضبط طول المدة وقصرها.
وأيضا: فيلزم ألا يكون خبر التواتر بوجود نوح وإبراهيم وإدريس وغيرهم مفيدا للعلم؛ لأنه لا يفيد ما لم يثبت استواء الطرفين والواسطة في نقل الرواة، وذلك لا يثبت إلا بأنه لو كان موضوعا، لاشتهر الواضع، وزمان الوضع، فإذا لم يجب ذلك عند تطاول المدة، لم يفد ذلك الخبر العلم.
سلمنا أن ما ذكرته يدل على أن خبر التواتر يفيد العلم؛ لكن معنا ما يبطله من وجوه:
الأول: لو أفاد خبر التواتر العلم، لأفاد إما علما ضروريا أو نظريا؛ والقسمان باطلان، فالقول بالإفادة باطل.
إنما قلنا: إنه لا يفيد علما ضروريا؛ لأن العلم الضروري هو الذي لا يلزم من وقوع الشك في غيره من القضايا وقوعه فيه؛ وهاهنا يلزم من وقوع الشك