في غير هذه القضية وقوعه فيها؛ لأنا لو جوزنا أن يكذبوا، لا لغرض، أو لغرض؛ من رهبة أو رغبة، أو لوقوع التباس؛ فإن مع استحضار الشك في هذه المقدمات، لم يمكن الجزم بأن الأمر كما أخبروا عنه.

وإذا كان كذلك، لم يكن هذا ضروريا، ولا جائز أن يكون نظريا؛ لأن النظر في الدليل لا يتأتى للصبيان والمجانين؛ فكان يجب ألا يحصل لهم العلم، لكن الاعتقاد الذي في هذا الباب للعقلاء لا يزيد في القوة على قوة اعتقاد الصبيان والبله؛ فإذا لم يكن اعتقادهم علما، فكذا اعتقاد العقلاء.

الثاني: أن كون التواتر مفيدا للعلم يتوقف على عدم تطرق اللبس إلى الخبر؛ على ما مر بيانه؛ لكن اللبس يتطرق إليه؛ على ما مر؛ فوجب ألا يفيد العلم.

الثالث: لو حصل العلم عقيب، لتواتر لحصل: إما مع الجواز، أو مع الوجوب:

فإن حصل، مع جواز ألا يحصل، امتنع القطع بحصوله؛ فلا يمكن القطع بأن التواتر يفيد العلم؛ لا محالة، بل يجري حصول العلم عقيب خبر التواتر مجرى حصوله عند سماع صرير الباب، ونعيق الغراب، وإن حصل مع الوجوب، فالمستلزم: إما قول واحد، أو قول المجموع:

الأول باطل، أما أولا: فلأنا نعلم بالضرورة أن قول الواحد لا يفيد العلم.

وأما ثانيا: فلأن قول كل واحد منهم، إذا كان مستقلا بالاستلزام، فإن وجدت الأقوال دفعة، لزم أن يجتمع على الأثر الواحد مؤثرات مستقلة بالتأثير؛ وهو محال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015