ترتب الأثر عليه، ولا ترتبه عليه- على السواء؛ ولا مرجح، ولا مخصص ألبتة؛ فيكون اختصاص ذلك الوقت بترتب ذلك الأثر على ذلك المرجح، دون الوقت الثاني- يكون ترجيحا لأحد طرفي الممكن المساوي على الآخر، من غير مرجح، وهو محال.
وقد بان بهذا أنه ما لم يحصل للعبد مرجح من قبل الغير، يمتنع أن يكون فاعلا، وإذا حصل المرجح، وجب أن يكون فاعلا، وهذا هو الجبر، وأما بتقدير ألا يجب ذلك، فالإشكال وارد؛ لأن عند حصول مرجح الوجود، إذا جاز ألا يوجد الوجود، كان اللاوجود واقعا، لا عن مرجح أصلا، وإذا جوزت ذلك، بطل قولك: (الفعل لا يقع إلا عن الداعي) فلم لا يجوز إلا في أهل التواتر أن يكذبوا، لا لداع.
وأما قوله ثانيا: (كونه كذبا جهة صرف، لا جهة دعاء):
قلنا: هذا بناء على أن الكذب قبيح؛ لكونه كذبا، وقد مر الكلام في إبطاله في أول الكتاب.
سلمناه؛ لكن عند حصول الصارف، لو وجب الترك، وأنت لا تقول به.
وإن لم يجب: فقد جوزت عند حصول الصارف ألا يقع العدم، وجواز ألا يقع العدم يقتضي جوازه ألا يقع الوجود، فقد جوزت مع الصارف عن الفعل أن يوجد الفعل؛ فلم يلزم من كون الكذب جهة صرف امتناع أن يوجد الكذب؟!.