قلنا: هذا لا يتم على مذهبك؛ لأنه يقتضي الجبر، وأنت لا تقول به.

بيان أنه يقتضي الجبر: أن قادرية العبد صالحة للفعل والترك؛ وإلا لزم الجبر، فلو لم يترجح أحد الطرفين، إلا لمرجح، فذاك المرجح: إن كان من فعل العبد، عاد الطلب من أنه، لم فعل مرجح أحد الطرفين دون الآخر؟.

وإن كان ذلك؛ لمرجح آخر من فعله، لزم التسلسل، أو ينتهي إلى مرجح ليس من فعله، فعند حصول ذلك المرجح الذي ليس من فعله: إما أن يكون ترتب أثره عليه واجبا، أو لا يكون واجبا: فإن كان الأول، لزم الجبر، وإن كان الثاني، فهو باطل، وبتقدير صحته: فالإلزام عليك وارد.

أما أنه باطل: فلأنه إذا لم يجب ترتب أثره عليه، جاز حينئذ ألا يترتب عليه في بعض الأوقات ذلك الأثر، وجاز في وقت آخر أن يترتب؛ إذ لو لم يجز ذلك أصلا، لما كان ذلك مرجحا تماما، وكلامنا في المرجح التام، وإذا كان كذلك، فترتب الأثر عليه في أحد الوقتين دون الوقت الآخر: إما أن يكون لمزية يختص بها ذلك الوقت، دون الوقت الثاني، وإما ألا يكون كذلك:

فإن كان الأول: فقبل حصول تلك المزية: ما كان المرجح التام حاصلا، لكنا قد فرضناه حاصلا، هذا خلف، ثم إننا ننقل الكلام إلى تلك المزية، فنبين أنها من فعل الله، عز وجل، وبعد حصولها، فإن وجب ترتب الأثر عليها، لزم الجبر.

وإن لم يجب، افتقر إلى مزية أخرى، لا إلى نهاية؛ وهو محال.

وأما إن لم يكن ترتب الأثر على ذلك المرجح في ذلك الوقت لأجل حصول مزية في ذلك الوقت، دون سائر الأوقات- كانت نسبة المزية إلى زماني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015