غيره لا يكون نوعا له ولآخر ماهيته، والوصف يصلح معرفا للموصوف، وإنما يكون الصدق معرفا للخبر إذا وصفنا به المتكلم لا الكلام.
فقلنا: "صدق الرجل"، وليس هو المراد هاهنا.
قلت: وهذا غير متجه فإن صفة المتكلم لا تكون نوعا من الكلام، بل ذلك أبعد عن النوعية فإن فصل الشيء لا يكون صفة لغيره، ثم قال: والجواب عن التصديق والتكذيب أن المراد بهما قولنا: "صدقت وكذبت" بما هو هذا القول من غير نظر إلى اعتبار حقيقته، ويمكن معرفة هذا القول بما هو دون الإحاطة بماهية الخبر.
قال: والجواب عن سؤال المغايرة في الوجود الوارد على أبي الحسين أن التغاير يتحقق بالنظر إلى اختلاف الاعتبار، وهو جهة صحة معظم الأخبار، ففي الدعاء "اللهم أنت أنت، وأنا أنا، وفي الذكر: "يا من هو هو"، ويقول الإنسان: المسمى بالأسد هو المسمى بـ "الليث"، بل إذا قلنا: هذا زيد، لم يمكن تحقيق التغاير بين المبتدأ وخبره، إلا بأن نضع المبتدأ شيئا ما، مجهولا باعتبار ذاته معلوما بحكم اسم الإشارة، والخبر ذلك الغير الذي عرف لفظ زيد علما عليه؛ فإن المفهومين هما مختلفان في الاعتبار الذهني، متحدان في الوجود الحقيقي، وكذلك قولنا: السواد موجود، بل لو اعتقدنا تقرير قاعدة الأحوال لم يندفع الإشكال؛ فإنا إذا قلنا: "السواد لون"، لم يمكن أن يؤخذ اللون بما هو حقيقة الجنس جزئي الخبر، فإنه ينقسم إلى أنواع من جملها السواد، فكيف يكون هذا السواد دالا على أنه آخر جزئيات اللون عن السواد، وهو المبتدأ الذي أخبرنا عنه، فإذا اتحد المبتدأ والخبر، صار هو خبرا عن نفسه، ولكن باعتبار الحقيقة، أما بالإضافة إلى الاعتبارات الذهنية فلا.