فإن قلت: هذا النقض يلزم منه أن يكون الأخص لا يستلزم الأعم، أو أن العلم بالكلي لا يستلزم العلم بالجزء، وكلاهما باطل بالضرورة؛ لأن العلم بالأخص إذا حصل بدون كسب، والأعم يفتقر للكسب، يلزم ألا يكون حاصلا، فيلزم عدم العلم به، فيلزم أحد الأمرين.
قلت: ليس كذلك، بل جاز أن يكون المعلوم من الأخص وجها من وجوهه علما إجماليا، فلا يلزم العلم بالأعم؛ لأن معنى قولنا العلم بالكل يستلزم العلم بالجزء التفصيلي بجميع وجوه الحقيقة، أما العلم الإجمالي المتعلق ببعض وجوه الحقيقة فلا، وهذا معنى معرفة نفسي الخاصة أي: من وجه اختصاصها بي، واتصافها بأحوالي الخاصة بي لا من حيث ذاتها، وحقيقتها وهيئتها، وبهذا نقول له: جاز أن يكون الخبر الخاص معلوما من بعض وجوهه كالنفس، فلا يكون مطلق الخبر معلوما بالضرورة.
"سؤال"
قال "النقشواني": قد يطلب تعريف الشيء تفصيلا من جميع وجوهه، وقد يطلب تعريفه من وجه، وعلى الأول يلزم الدور بين الصدق والكذب، ومطلق الخبر، وعلى الثاني لا يلزم؛ لأن كل واحد منهما حينئذ إنما يقصد تعريف من وجه، فيكون الوجه المعروف من أحدهما للآخر لا يحتاج للمعرف به، وكذلك القول في الوجه من الجهة الأخرى، فلا يلزم الدور، وكذلك تندفع هذه الأدوار في السلب والإيجاب، والنفي والإثبات، وجميع ذلك إذا عرف به الخبر.
"تنبيه"
زاد التبريزي فقال: الصدق والكذب وصفان للخبر لا نوعان؛ فإنهما يرجعان إلى مطابقة الوجود، وعدم المطابقة، وما الشيء باعتبار الإضافة إلى