قال: وعن الثاني الوارد على أبي الحسين أن قولنا: "الحيوان الناطق" لا يتضمن نفيا ولا إثباتا.
وعن الثالث: أن المراد بالنفي والإثبات هو المصدر لا الفعل، وهو مفرد، فلا يكون خبرا.
قال: وقوله: "حقيقة الخبر ضرورية ليتوقف الخبر الخاص على العام"- تمويه؛ فإن البحث إما أن يقع على لفظ لماذا وضع أو عن ماهية موضوعه، مع العلم بالوضع، فإن كان الأول فهو تصديق من باب السمع، فكيف يدرك بالضرورة أو بالنظر؟ وإن كان الثاني فلا شك انه قسم من أقسام الكلام، والكلام إن أخذ على أنه من قبيل النطق اللساني، وهو المقصود بالبحث في علم الأصول، فالعلم به علم بكيفية تركيب في أمر وضعي، فيكيف يكون ضروريا؟
وإن أخذ على أنه من النفساني، فقد اختلف العقلاء في أصل ثبوته، فكيف يكون وقوعه ضروريا وجدانيا؟ ثم برهان افتقاره للحد والرسم أنه أمر مركب؛ لان جزأه الأعم الذي هو أقرب أجناسه هو الكلام، وهو أيضا مركب، فيتقدم بالضرورة تصور جنسه على تصوره، وهو معنى الاكتساب بالحد.
قلت: سؤال: إذا قلنا: "زيد قائم" ينبغي ألا يصح، وكذلك جميع الأخبار؛ لأن الخبر الذي هو قائم إما أن يكون عين زيد أو غيره، فإن كان عينه، فيكون مثل قولنا: "زيد زيد"، و "عمر عمرو"، فإنه لا يفيد شيئا، ومنه "الليل ليل"، و "النهار نهار"، وإن كان غيره فهو كقولنا: زيد عمرو، فإنه لا يصح؛ لأنه كذب على أحد المتباينين، لا يكون عين الآخر، فبطلت الإخبارات مطلقا.