بين اللفظ ومدلوله، والاحتراز من الكلام اللساني أو النفساني على حسب ما يراد بهما، أي أخبرنا عن الصدق أو الكذب في ذلك الكلام، كإخبارنا عن ذلك هو التصديق أو التكذيب، فقد يوجد التصديق والتكذيب تبعا للصدق والكذب إن كان إخبارنا بذلك صادقا، وبدونها إن كان كاذبا، فقد يصدقوه وليس بصادق، ويكذبه وليس بكاذب، وكذلك يوجد الصدق والكذب بدون التصديق والتكذيب، فكل واحد أعم من الآخر، وأخص من وجه.
قوله: "احترزنا بقولنا: بنفسه عن الأمر؛ فإنه يفيد وجوب الفعل لكن لا بنفسه؛ لأن ماهية الأمر استدعاء الفعل، والصيغة لا تفيد إلا هذا العدد، ثم إنها تفيد كون الفعل واجبا تبعا لذلك".
قلنا: الصحيح عندنا أن الأمر موضوع للطلب الجازم، وهو الوجوب فهو يفيد بذاته الوجوب، وقولكم: "الاستدعاء الماهية يفيد الوجود" لا يتجه، بل لا يفيد الصيغة إلا الاستدعاء الخاص، الذي هو الوجوب، كما يفيد لفظ الإنسان الحيوان الخاص، الذي هو الناطق، وكذلك القول في النهي يفيد التحريم بذاته؛ لأنه موضوع لطلب الترك الجازم.
قوله: "الصدق والكذب نوعان تحت جنس الخبر":
قلنا: بل الصدق والكذب صفتان تعرضان للخبر على سبيل البدل، كالحركة والسكون للإنسان أو الحيوان، والصفة العارضة لا تكون نوعا من المعروض، نعم إذا وجد المعروض يفيد أحد العارضين كان نوعا، لكن ذلك يقال له: الصادق والكاذب.
قوله: "الجنس أعرف من ماهية النوع":
تقريره: أن كل شيء يتوقف عليه الجنس يتوقف عليه النوع لتوقفه على الجنس، وليس كل ما يتوقف عليه النوع يتوقف عليه الجنس، لجواز توقفه