على أمور ينشأ التوقف فيها عن خصوصه وفعله، وما كان أقل توقفا كان أدخل في الوجود، وأعرف؛ لقلة مقدماته.

قوله: "لا يمكن تعريف الصدق والكذب إلا بالخبر":

قلنا: قد تقدم أول الكتاب في تعريف العلم أن الحد شرح ما دل عليه اللفظ الأول بطريق الإجمال، فجاز أن يكون لفظ الخبر مجهولا لأي شيء وضع، ولفظ الصدق والكذب مسماه معلوم، فيعرف أحدهما بالآخر وكذلك بالعكس، وقد تقدم بسط هذا أيضا في حد الأمر، فلا دور حينئذ.

قوله: ""أو" للترديد، وهو ينافى التعريف":

قلنا: قد تقدم في حد الحكم الجواب عن هذا مبسوطا، وأنه حكم بالترديد لا ترديد في الحكم، وأن المنافع هو الثاني دون الأول.

قوله: "خبر الله- تعالى- خارج عن هذا الحد؛ لعدم احتماله الكذب":

قلنا: الحد إنما يتناول الخبر من حيث هو خبر، وقد يكون من حيث هو يقبل شيئا، ولا يقبله مضافا لغيره، كما نقول: "الواحد نصف الاثنين" لا يحتمل الكذب، و "الواحد نصف العشرة" لا يحتمل الصدق، فعلنا أن الخبر إنما يحد بالنظر إلى ذاته مع قطع النظر عن المخبر به، والمخبر عنه، أما تقيد أحدهما، فقد يمتنع عليه ذلك، ولا عجب من ذلك؛ فإن العدد من حيث هو عدد يقبل الزوج والفرد، وإذا أخذ بكونه عشرة لا يقبل الفرد أو بقيد كونه خمسة لا يقبل الزوج، والحيوان من حيث هو هو يقبل جميع الفصول، وإذا أخذ بقيد كونه إنسانا لا يقبلها كلها، وكذلك القول في جميع الأمور العامة والحقائق الكلية، فاندفع السؤال.

فإن قلت: فيتعين أن يريد في الحد من حيث هو كذلك.

قلت: إن نطق به فهو حسن، وإن سكت عنه فهو المفهوم عند الإطلاق؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015