قوله: (لو أقدموا على شيء من المحظورات لما اتصفوا بالخيرية):
قلنا: عليه ثلاثة أسئلة:
الأول: إن صدق لفظ الخيرية، لا نسلم أنه مشروط بالعصمة، بل يصدق ذلك لغة على من كثر خيره، وكذلك أن كل ما هو موصوف في الدنيا بالخيرية لا يمكن أن يقال: هو خير محض لا يشوبه شر، بل لابد من الشوائب، لكن الحكم للغالب، وكذلك الموصوف بكونه شرًا، لابد من شائبة خير فيه.
قال الشافعي - رضي الله عنه - لما سئل عن العدل: أدركت الناس فلم أر أحدًا فعل الخير فلم يمحضه بشر قط، ولا فعل الشر فلم يمحضه بخير قط، ولكن العدل من غلب خيره على شره، فأخس ما في العالم الحيات والعقارب، وفيها منافع جليلة، نص عليها الأطباء، لا توجد في غيرها حتى يقول المالكي في كتابه: (أكل لحوم الحيات على وضعه المخصوص يعيد عصر الشباب)، ومنافع هذه الحشرات كثيرة، ليس هذا موضعها، وأنفع شيء في العالم من الأدوية الترياق، وهو يقتل إذا استعمله الممتلئ، أو الصغير السن، أو استعمل منه نصف أوقية.