قلنا: مر الجواب عن مثل هذا السؤال في المسلك الأول، والله أعلم وأحكم.
المسلك الثاني
قال القرافي: قوله: (الوسط من كل شيء خياره):
تقريره: قال اللغويون: إنما سمى الخيار وسطًا، لتوسطه بين طرفي الإفراط والتفريط.
(فائدة)
دخل عمر بن عبد العزيز على عبد الملك بن مروان، فقال له: كيف نفقتك في أهلك؟ فقال له: حسنه بين سيئتين يا أمير المؤمنين.
يشير على قوله تعالى:} والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا {[الفرقان:67].
قلت: واعتبرت جميع الأشياء [كلها] من هذا الباب، فوجدتها كذلك، فالغضب ينبغي أن يكون كذلك.
وكذلك الحلم، والشدة واللين، والحب والبغض، والزهد والسخاء، وجميع هذه الحقائق ينبغي للإنسان فيها ألا يفرط، ولا يفرط.
(فائدة)
قال النحاة: (وسط) بالفتح: اسم، و (وسط) بالتسكين: ظرف، مثل (بين) مسكن الوسط، فيمكن أن يقال: (تخرج الديون من وسط التركة) بالتسكين، ولا يمكن ذلك مع التحريك؛ لأنك إذا قسمت التركة نصفين على السوية بحيث لا يرجح أحدهما على الآخر، يستحيل أن يخرج من بين هذين شيئًا، وبهذا التفسير لا يمكنك أن تجلس في وسط الدار بالتحريك، وتجلس في وسط الدار بالتسكين.