وهذه الأحاديث بأسرها تدل على خلو الزمان عمن يقوم بالواجبات.
وأما المعقول: فمن وجهين:
الأول: أن كل واحد من الأمة جاز الخطأ عليه، فوجب جوازه على الكل، كما أنه لو كان كل واحدٍ من الزنج أسود، كان الكل سودًا.
الثاني: أن ذلك الإجماع: إما أن يكون لدلالة، أو لأمارة، أو لا لدلالة، ولا لأمارة، فإن كان لدلالة، فالواقعة التي أجمع عليها كل علماء العالم تكون واقعةً عظيمةً، ومثل هذه الواقعة مما تتوفر الدواعي على نقل الدليل القاطع الذي لأجله أجمعوا، فكان ينبغي اشتهار تلك الدلالة، وحينئذ لا يبقي للتمسك بالإجماع فائدة، وإن كان لأمارة، فهو محال؛ لأن الأمارات يختلف حال الناس فيها، فيستحيل اتفاق الخلق على مقتضاها، ولأن في الأمة من لم يقل بكون الأمارة حجة؛ فلا يمكن اتفاقهم؛ لأجل الأمارة، على حكم، وإن كان لا لدلالة، ولا لأمارة كان ذلك خطأ قادحًا في الإجماع، ولو اتفقوا عليه، لكانوا متفقين على الباطل، وذلك قادح في الإجماع.
والجواب: قوله: (الآية تقتضي التوعد على إتباع غير سبيل المؤمنين بشرط المشاقة):
قلنا: هذا باطل؛ لأن المعلق على الشرط، إن لم يكن عدمًا عند عدم الشرط، فقد حصل غرضنا.
وإن كان عدمًا عند عدم الشرط، فلو كان التوعد على إتباع غير سبيل المؤمنين مشروطًا بالمشاقة، لكان عند عدم المشاقة إتباع غير سبيل المؤمنين جائزًا مطلقًا، وهذا باطلٌ؛ لأن مخالفة الإجماع، إن لم تكن خطًا، لكن لا شك في أنه لا يكون صوابًا مطلقًا، فبطل ما ذكروه.