قوله: (تحريم اتباع غير سبيل المؤمنين مشروط بتبين الهدى): قلنا: لا نسلم؛ لأن تبين الهدى شرط في الوعيد عند المشاقة، لا عند إتباع غير سبيل المؤمنين، ولا نسلم أنه يلزم من العطف اشتراك إحدى الجملتين بما كانت الجملة الأخرى مشروطة به.

سلمنا: أن العطف يقتضي الاشتراك في الاشتراط، لكن الهدى الذي نتبينه شرطًا في حصول الوعيد عند مشاقة الرسول، هو الدليل الدال على التوحيد والنبوة، لا الدليل الدال على أحكام الفروع، وإذا لم يكن تبين الدليل على مسائل الفروع شرطًا في لحوق الوعيد على مشاقة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجب ألا يكون ذلك شرطًا أيضًا في لحوق الوعيد على إتباع غير سبيل المؤمنين، وإلا لم تكن الجملة الثانية مشروطةً بالشرط المعتبر في الجملة الأولي، بل بشرطٍ لم يدل عليه الدليل أصلا.

سلمنا: أن مقتضي العطف ما ذكرتموه، لكن معنا دليل يمنع منه؛ من وجهين:

الأول: أن هذه الآية خرجت مخرج المدح للمؤمنين، وتمييزهم عن غيرهم، ولو حملناه على ما ذكره السائل، لبطل ذلك؛ ألا ترى أن اليهود والنصارى إذا عرفنا أن قولا من أقاويلهم هدى، فإنه يلزمنا أن نقول بمثله مع أنه لا تبعية لهم فيه.

الثاني: أن إتباع المؤمنين هو الرجوع إلى قولهم؛ لأجل أنهم قالوه، لا لأنه صح ذلك بالدليل؛ ألا ترى أنا لا نكون متبعين لليهود والنصارى في قولنا بإثبات الصانع، ونبوة موسى وعيسي، عليهما السلام، وإن شاركناهم في ذلك الاعتقاد؛ لأجل أنا لم نذهب إلى ذلك؛ لأجل قولهم؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015