القلب - مجاز، فإذا جاز لكم حمل الآية على هذا المجاز، فلم لا يجوز لنا حملها على مجاز آخر، وهو أن نقول: المراد إيجاب متابعة السبيل الذي من شأنه أن يكون سبيلا للمؤمنين؟
كما إذا قيل: (اتبع سبيل الصالحين) لا يراد به وجوب إتباع سبيل من يعتقد فيه كونه صالحًا، بل وجوب إتباع السبيل الذي يجب أن يكون سبيلا للصالحين.
سلمنا دلالة الآية على كون الإجماع حجةً؛ لكن دلالة قطعية أم ظنية؟ الأول ممنوع، والثاني مسلم، لكن المسألة قطعية، فلا يجوز التمسك فيها بالدلائل الظنية:
بيانه: ما تقدم في كتاب اللغات: أن التمسك بالدلائل اللفظية لا يفيد اليقين ألبتة.
فإن قلت: إنا نجعل هذه المسألة ظنية.
قلت: إن أحدًا من الأمة لم يقل: (إن الإجماع المنعقد بصريح القول دليل ظني) بل كلهم نفوا ذلك، فإن منهم من نفي كونه دليلا أصلا، ومنهم من جعله دليلا قاطعًا، فلو أثبتناه دليلا ظنيًا، لكان هذا تخطئةً لكل الأمة، وذلك يقدح في الإجماع.
والعجب من الفقهاء أنهم أثبتوا الإجماع بعمومات الآيات والأخبار، وأجمعوا على أن المنكر لما تدل عليه هذه العمومات لا يكفر ولا يفسق، إذا كان ذلك الإنكار لتأويل، ثم يقولون: الحكم الذي دل عليه الإجماع مقطوع به، ومخالفه كافر، أو فاسق؛ فكأنهم قد جعلوا الفرع أقوى من الأصل، وذلك غفلة عظيمة.