سلمنا دلالتها على وجوب متابعة مؤمني كل عصرٍ؛ لكن المراد متابعة كل مؤمني ذلك العصر، أو بعضهم؟
الأول باطل؛ وإلا لاعتبر في الإجماع قول العوام، بل الأطفال والمجانين.
والثاني نقول به؛ لأن عندنا: يجب في كل عصرٍ متابعة بعض من كان فيه من المؤمنين، وهو الإمام المعصوم.
سلمنا أن المراد متابعة جميع مؤمني العصر، لكن الإيمان عبارة عن التصديق بالقلب، وهو أمر غائب عنا؛ فكيف يعلم في المجمعين كونهم مصدقين بقلوبهم؟ لاحتمال أنهم، وإن كانوا مصدقين باللسان، لكنهم كفرة بالقلب، وإذا جهلنا ذلك، جهلنا كونهم مؤمنين، وإذا كان الواجب علينا إتباعهم المؤمنين، فمتى جهلنا كونهم مؤمنين، لم يجب علينا إتباعهم، وهو أيضًا لازم على المعتزلة القائلين بأن المؤمنين هو المستحق للثواب؛ لأن ذلك غير معلومٍ أيضًا.
وأيضًا فالأمة متى أجمعت، لم نعلم كونهم مستحقين للثواب، إلا بعد العلم بكونهم محقين في ذلك الحكم، إذ لو لم نعلم لك، لجوزنا كونهم مخطئين، وأن يكون خطؤهم كثيرًا يخرجهم عن استحقاق الثواب واسم الإيمان.
فإذن إنما نعرف كون المجمعين مؤمنين، إذا عرفنا أن ذلك الحكم صواب، فلو استفدنا العلم بكونه صوابًا من إجماعهم، لزم الدور.
فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون المراد من (المؤمنين) المصدقين باللسان، كما في قوله تعالى:} ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن {[البقرة: 221]؟
قلت: لا شك أن إطلاق اسم (المؤمنين) على المصدقين باللسان، دون