سلمنا دلالة الآية على تحريم متابعة غير قولهم؛ لكن لا نسلم أن كلمة (من) للعموم، وأن لفظ المؤمنين للعموم، فإنا لو حملناه على العموم، لزم تطرق التخصيص إلى الآية؛ لعدم دخول العوام والمجانين والنساء والصبيان في الإجماع.
سلمنا ذلك؛ لكن لم قلت: إنه يلزم من حظر إتباع غير سبيلهم وجوب إتباع سبيلهم؟
بيانه: أن لفظ (غير) وإن كان يستعمل في الاستثناء، لكنهم أجمعوا على أنه في الأصل للصفة، وإذا كان كذلك، كان بين إتباع غير سبيل المؤمنين، وبين إتباع سبيلهم قسم ثالث، وهو ترك الإتباع.
فإن قلت: ترك متابعة سبيل المؤمنين غير سبيل المؤمنين، فمن ترك متابعة سبيلهم، فقد اتبع غير سبيلهم.
قلت: لم لا يجوز أن يقال: الشرط في كون الإنسان متابعا لغيره كونه آتيا بمثل فعل الغير؛ لأجل أن ذلك الغير أتي به؟ فمن ترك متابعة سبيل المؤمنين، وهو إنما تركه لأجل أن غير المؤمنين تركوه، كان متبعًا في ذلك سبيل غير المؤمنين.
أما من تركه؛ لأن الدليل دل عنده على وجوب ذلك الترك، أو لأنه لما لم يدل شيء على متابعة المؤمنين، تركه على الأصل، لم يكن هاهنا متبعًا لأحدٍ؛ فلا يدخل تحت الوعيد.
سلمنا دلالة الآية على وجوب متابعة سبيل المؤمنين؛ لكن في كل الأمور، أو في بعضها؟