أحد، فكيف يمكن القطع بأن الكل أفتوا بذلك الحكم طائعين راغبين، غير مكرهين ولا مجبرين؟
والإنصاف: أنه لا طريق لنا إلى معرفة حصول الإجماع إلا في زمان الصحابة؛ حيث كان المؤمنون قليلين يمكن معرفتهم بأسرهم، على التفصيل.
المسألة الثانية
في إمكان الإجماع
قال القرافي: قوله: (يمتنع إجماعهم على غير الضروري، كامتناعه في الكلمة المعينة، والمأكول المعين):
قلنا: الفرق أن الأطعمة والأشربة ونحوها، تمنع الدواعي الطبيعية التي جبلت عليها البشرية، ودواعي البشرية في الشهوة والنفرة مختلفة جدًا، حتى إن الشخص الواحد يخالف نفسه في ساعة أخرى، فلذلك قضت العادة بتعذر اتفاق الجمع العظيم على شهوة الطعام الواحد، والميل إلى التكلم بالكلمة الواحدة ونحوه؛ لأنه مبني على الدواعي الطبيعية، فهذه قاعدة يتعذر الاجتماع فيها من الجمع العظيم، كما أن الغيم الرطب المشف في بلاد الأمطار والثلوج، إذ رآه الجمع العظيم اشترك الجميع في ظن الأمطار، وكذلك الرجل العدل الأمين، يشترك كل من عرف حاله في ظن صدقه، وإن كانوا آلافًا.