والأحكام الشرعية من هذا القسم دون القسم الأول، فكان الإجماع فيه ممكنًا عادة.
قوله: (الذي لا يكون وجدانيًا فطريق معرفته إما الحس، أو الخبر أو النظر العقلي).
قلنا: الخبر إنما يفيد بطريق السماع، وهو داخل في الحس، فلا يجعل قسيمه.
قوله: (الإحساس بكلام الغير، أو الإخبار عن كلامه لا يمكن غلا بعد معرفة ذاته):
قلنا: إن أردت بمعرفة ذاته رؤيته حيًا فممنوع؛ فإنا نعلم أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - تكلم بالقرآن بالضرورة، ساعد على ذلك أرباب الملل، والمستند في ذلك التواتر، فنقطع بذلك، مع أنا لم نر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك نقطع بأن موسى - عليه السلام - تكلم بالتوراة، وعيسي - عليه السلام - تكلم بالإنجيل، ولم نشاهد واحدًا منهما، وهو كثير، فعلمنا أنه لا يلزم من العلم بأن الشخص تكلم بشيء أن يكون مشاهدًا لنا.
وإن أردتم بمعرفته إحاطة العلم به، من حيث الجملة إما بالتواتر أو بغيره.
فلم قلتم: إن ذلك متعذر؟ بل تواتر عندنا إجماع الصحابة على وجوب الصلوات الخمس، ووجوب شهر رمضان، ونحوه من شعائر الإسلام، حتى أن جاحد ذلك يكفر.
ثم إن هذا السؤال في غير محل النزاع، ونحن نقول: إذا وقع الإجماع، وأمكن العلم به كان حجة معصومة، ولا ندعى وقوعه في شيء معين، كما أنا نقول: القياس إذا حصل كان حجة، أما أنه حصل فليس ذلك حظ الأصولي، بل الفقيه.