واحدة، وقالوا: أفتينا بهذا الحكم، فهذا مع امتناع وقوعه لا يفيد العلم بالإجماع؛ لاحتمال أن يكون بعضهم كان مخالفًا فيه، فخاف من مخالفة ذلك الجمع العظيم، أو خاف ذلك الملك الذي أحضرهم، أو أنه أظهر المخالفة، لكن خفي صوته فيما بين أصواتهم؛ فثبت أن معرفة الإجماع ممتنعة.

فإن قلت: ما ذكرتموه باطل بصورٍ:

إحداها: أنا نعلم بالضرورة أن المسلمين معترفون بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وبوجوب الصلوات الخمس، ونعلم اتفاق أصحاب الشافعي على القول ببطلان البيع الفاسد، واتفاق الحنفية على القول بانعقاده، وإن كانت الوجوه التي ذكرتموها بأسرها حاصلة هاهنا.

وثانيتها: أنا نعلم أن الغالب على أهل الروم النصرانية، وعلى بلاد الفرس الإسلام، وإن كنا ما لقينا كل واحد من هذه البلاد، ولا كل واحدٍ من ساكنيها.

وثالثتها: أن السلطان العظيم يمكنه أن يجمع الناس في موضعٍ واحدٍ؛ بحيث يمكن معرفة اتفاقهم واختلافهم.

قلت: أما قوله: (نعلم بالضرورة اتفاق المسلمين على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -):

قلت: إن كنت تعني بالمسلمين المعترفين بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - فقولك: (نعلم اتفاق المسلمين على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - (يجرى مجرى أن يقال: نعلم اتفاق القائلين بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -.

وإن كنتن تعني به شيئًا آخر غير نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فلا نسلم أنا نقطع أن القائل بذلك قائل بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -.

ولا نسلم أيضًا أنا نقطع بأن كل من قال بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال بوجوب الصلوات الخمس، وصوم رمضان، وإن كنا نعترف بحصول الظن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015