وهاهنا وجوب الوجوب حكم شرعي، ولذلك نقول: تقرير الشرع عدم الحرج في المباح حكم شرعي؛ لأن العقل كان يجوز أن الله تعالى يعاقب قبل الشرائع، فإذا أتى الشرع بعدم الحرج، فقد أنشأ ما لم يكن، وهو تعيين عدم وقوع ذلك الجائز، وهو يدل على الإباحة القائمة بذات الله تعالى التي هي حكم شرعي، وقبل ذلك ما كنا ندري، ما أقام بذات الله تعالى.
قوله: " إذا زاد الله تعالى ركعة في الصلاة كان ذلك نسخا لوجوب التشهد عقيب الركعتين ".
قلنا: كان الشيخ شمس الدين الخسروشاهي يمنع في هذا الموضع، ويقول: لم يوجب الله تعالى التشهد في آخر الصلاة لكونه عقيب ركعتين، بل لكونه آخر الصلاة، ولذلك إنا نتشهد عقيب ركعتين في الصبح، وعقيب ثلاث في المغرب، وعقيب أربع في الظهر، والمقصود في الجميع آخر الصلاة، وإذا كان التشهد إنما شرع آخر الصلاة، فإذا تشهدنا بعد الزيادة، فقد تشهدنا آخر الصلاة، فما ارتفع حكم شرعي بتأخير التشهد، بل المرتفع حكم عقلي، وهو عدم وجوب الزيادة بوجوبها، وأما التشهد والسلام فلم يرتفع من أحوالهما شيء هو حكم شرعي ألبتة.
قوله: " ليست الزيادة ناسخة لإحدى الركعتين المتقدمتين؛ لأنهما مجزيتان مع الزيادة ".
قلنا: لو لم يصيرا مجزيتين لم يكن ذلك نسخا؛ لأن الإجزاء في الفعل معناه أن الذمة تبقى بعد بريئة، وبراءتها بعده ترجع لعدم التكليف، وعدم التكليف ليس حكما شرعيا، فرفع الإجزاء ليس نسخا، وهذا المنع يرجع إلى قاعدة أن الأمر يدل على الإجزاء أم لا؟.