فإن قلنا: " لا يدل " كان أشد؛ لوروده.
وإن قلنا: " يدل " فمعناه أن الأمر اقتضاء أن ذلك الفعل سبب للبراءة، ودلالة لفظ الشرع على أن الفعل سبب هل هو من خطاب الوضع بالأسباب، والشروط، والموانع، فيكون رفع الإجزاء رافعا للسببية، فيكون نسخا؟.
أو معناه أن ذلك لازم للوجوب بمعنى أن من لوازم إيجاب الشيء كون ذلك الواجب سببا للبراءة منه، ويكون هذا اللازم كلزوم العقاب للترك، وليس من باب خطاب الوضع، فلا يكون الإخبار بعد ذلك به نسخا؛ لأن ذلك اللازم ليس حكما شرعيا، كما لو قال: " لأعاقبنكم على ترك هذا الواجب، واعملوا ما شئتم، فمغفور لكم "، فإن ذلك ليس نسخا، والموضوع محتمل لهذا البحث، والأخير هو الذي يرجح عندي؛ لأن الإجزاء عن الأوامر ثابت قبل الشرع بمقتضى اللغة، فكل من أمر عبده قبل الشرع، فإن العبد إذا فعل ذلك الواجب بريء منه، وأجزأ عنه، وما هو ثابت قبل الشرع لا يكون حكما شرعيا.
قوله: " إذا زيدت ركعة بعد التشهد، وقبل التحلل، فإنه يكون نسخا؛ لوجوب التحلل بالتسليم، وذلك حكم شرعي ".
قلنا: هاهنا منع الخسروشاهي في أن التحلل إنما شرع آخر الصلاة، فلم يتغير من السلام شيء لا في وجوبه، ولا في ندبيته، وأما اتصاله بالتشهد، فلم يتعرضوا له وهو موضوع بحث، فإن ثبت بدليل شرعي أن الموالاة بينهما مطلوبة، كان شرعية ركعة بينهما نسخا لطلب تلك الموالاة، وإن كان معنى تلك الموالاة أن الشرع لم يشرع بينهما فعلا آخر لم يكن نسخا؛ لأنه رافع لحكم العقل، والأول هو الظاهر، وأن الشرع طلب الموالاة بينهما كما طلب الموالاة بين الركعات.
قوله: " وإن علمنا عدم هذه الأشياء بالضرورة من دين محمد لم يجز رفعه بالخبر الواحد والقياس ".