الشرائع كقتل السبع لزيد اليوم، فكما أن قتل السبع لا يوصف بالحظر ولا بغيره إلا بدليل السمع، فالحاصل أنا نساعدك على أنه ليس نسخا، لكن نمنعكم ثبوت الحظر فقط، بل لا حكم ألبتة، والخبر حينئذ مثبت بحكم أصلي، وكذلك القياس.
قوله في الحكم الرابع: " إذا قال الله تعالى: هذا الفعل واجب وحده، أو لا يقوم غيره مقامه، فإن إثبات بدله لا يكون بالخبر، ولا بالقياس ".
قلنا: إن أردتم أن هذا النفي في وجوب الغير، وعدم قيامه مقام الواجب معلوم بالتواتر، فلا يرفع بخبر الآحاد؛ لأن تقديم المعلوم على المظنون متعين؛ لأنه من باب النسخ فهذا مسلم، وإن أردتم أنه من باب نسخ المعلوم بالمظنون، فممنوع؛ لأن الإخبار عن عدم الحكم، وعن البراءة الأصلية لا يكون حكما شرعيا، بل خبر صرف، يدل على ذلك أن الله تعالى لو بعث رسولا فقال: " إن الله تعالى يخبركم أنه لا يكلفكم في هذه السنة، وأن أفعالكم لا حكم لها عنده، بل تجري مجرى أفعال البهائم " ثم طرأ بعد ذلك حكم في هذه السنة لم يكن ذلك نسخا لعدم الحكم الشرعي السابق، ويجعله إما تخصصا أو إطلاقا، فاللفظ (السنة) على بعضها من باب إطلاق الجزء على الكل، ويحتمل أن يكون نسخا لعدم تقدم الحكم.
قوله: " التخيير بين العبادة وغيرها ليس نسخا؛ بناء على أن عدم البدل يرجع إلى عدم مشروعيته وهو مشكل؛ لأن التخيير بين الواجب وغيره يسقط وجوب الخصوص، والخصوص والعموم أمران متغايران، وجوب أحدهما غير وجوب الآخر، فيكون ذلك نسخا كما لو نسخ تعين الظهر في إقامتها بعد الزوال، وبهذا يظهر الفرق بين هذا المثال، وبين إيجاب الصوم إلى الزوال، وما معه من النظائر؛ لأن المرفوع في تلك النظائر البراءة الأصلية،