سلمنا أن السنة كلها بيان، لكن البيان هو الإبلاغ، وحمله على هذا اولى، لأنه عام في كل القرآن، أما حمله على بيان المراد، فهو تخصيص ببعض ما أنزل، وهو ما كان مجملًا، أو عاما مخصوصًا، وحمل اللفظ على مايطابق الظاهر أولى من حمله على ما يوجب ترك الظاهر، والله أعلم.
المسألة الثانية
نسخ الكتاب بالكتاب
قال القرافي: قوله: "ليس في الكتاب ما يتوهم دليلًا على التوجه إلى بيت المقدس إلا قوله تعالى: {فثم وجه الله} [البقرة: 115] ".
قلنا: بل فيه أقوى من هذا بناء على قاعدة، وهو أن كل بيان لمجمل، فإنه يعد منطوقًا به في ذلك المجمل، فإذا قال الله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} [الأنعام: 141]، فبينه عليه السلام بقوله: (فيما سقت السماء العشر)، فيصير ذلك كالمنطوق به في الآية، كأن الله تعالى قال: (وآتوا عشره يوم حصاده)؛ لأنه لم يرد غيره.
وكذلك قول الله تعالى: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} [الجمعة: 9]، بينها عليه السلام أنها صلاة الظهر، وأنها ركعتان جهرًا في جماعة بخطبة، ومسجد إلى غير ذلك من الشروط، فيصير معنى الآية كأن الله تعالى قال: إذا نودي للصلاة ولم يبين كيف تقام، فهي آية مجملة، ثم بينها عليه السلام بالطهارة، والستارة، واستقبال بيت المقدس، وغير ذلك من الشروط، فيكون الجميع مرادًا من الآية، فتكون دليلًا عليه بواسطة البيان، فيكون التوجه للبيت المقدس على هذا بيانًا بالقرآن، فهذا أقوى مما ذكرتموه لاستناده لهذه القاعدة.
وأما قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله} [البقرة: 115]، فهو