الدعوى، بل العدم السابق فقط، بل كان ينبغي أن يقول: العدم غير مقدور مطلقا، ولا يفيد سابق ولا لاحق، ويكون كلاما صحيحا.
(قاعدة)
اللغات ما وضع فيها الطلب إلا للمقدور دون المعجوز عنه، ونحن وإن قلنا بجواز تكليف ما لا يطاق، فنحن إنما نقول به في أحكام الربوبية لا في الموضوعات اللغوية، بل اللغات إنما وضعت لتحصيل المقاصد العادية، والمحال لا يحصل عادة فلم يوضع له، فلتعلم أن اللغات لا تتخرج على جواز تكليف ما لا يطاق، ولذلك جاء البحث في هذه المسألة مع أبي هاشم على هذا التقدير الذي ذكره المصنف.
(فائدة)
ما الفرق بين هذه المسألة وبين قولهم: النهي عن الشيء أمر بضده؛ فإن في كلتا المسألتين صرحوا بطلب الضد من النهي، فإذا قلنا: المطلوب بالنهي إنما هو الضد يقتضي أن الضد هو مطلوب النهي وإيجاده وهو أمر به؛ لأن الطلب الإيجاد لا يكون إلا بالأمر كما أن طلب الإعدام لا يكون إلا بالنهي، ففي الصورتين الضد مأمور به.
قلنا: الجواب من وجهين:
أحدهما: انا إذا قلنا: المطلوب بالنهي فعل ضد المنهي عنه كان بحثا في المتعلقات بفتح اللام.
وثانيهما: ان البحث في تلك المسألة في دلالة الالتزام على ضد المنهي عنه، فنحن نقول: متى نهي عن الشيء مطابقة دل على عدم طلب ضده التزاما، والبحث في هذه المسألة في الدلالة مطابقة ما مدلولها المطابقي هل هو العدم الذي سمعه السامع في قوله: (لا تتحرك) أو ضده الذي لا يسمعه السامع وهو السكون؟ والفرق بين دلالة المطابقة والالتزام ظاهر، وقد تقدم بسطه في: هل الأمر بالشيء نهي عن ضده أم لا؟