قلت: المفهوم من قولنا: " تركه على ذلك العدم الأصلي، وما غيره عنه " إما أن يكون محض العدم، أو لا يكون:
فإن كان محض العدم: لم يكن متعلق قدرته، فاستحال أن يتناوله التكليف، وإن لم يكن محض العدم: كان أمرا وجوديا، وهو المطلوب.
المسألة السادسة
المطلوب بالنهي فعل ضد المنهي عنه
قال القرافي: إذا قلنا: النهي عن الشيء امر بضده التزاما تعذر الجمع بينه وبين قولنا: متعلق النهي فعل ضد المنهي عنه؛ لتعذر أن يكون المدلول مطابقة مدلولا التزاما.
فإن قلنا: المراد الكلام النفساني، فالأمر بالشيء غير النهي عن ضده؛ لأن الكلام إنما يصير أمرا ونهيا، فالتعلق بالكلام المتعلق بالضمير.
قوله: " العدم الأصلي لا يمكن أن يكون مقدورا ".
قلنا: النهي قد يكون عن شيء لم يفعل، يكون معناه حصول العدم الأصلي السابق في الزمان المستقبل، وقد يكون في منع العدم اللاحق بعد طريان الوجود؛ لقوله تعالى: {ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [آل عمران: 102] مع أنهم مسلمون في الوقت الحاضر، وجميع ما نهي عنه العباد وهم متصفون بضده من شرب الخمر، والقتل، والغيبة والنميمة وغير ذلك؛ فإن العدم الأصلي لم يرد في تلك الصور كلها، إنما أريد منع العدم اللاحق أن يدخل الوجود على رأي أبي هاشم، فعبارة المصنف لم تتناول