من مقاصد النكاح الصحيح في شيء، قال ابن تيمية: "وأما المناكح: فلا ريب أن مذهب أهل المدينة في بطلان نكاح المحلل، وكاح الشغار، أتبع للسنة ممن لم يبطل ذلك من أهل العراق، فإنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن المحلل والمحلل له. وثبت عن أصحابه، كعمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، أنهم نهوا عن التحليل، لم يعرف عن أحد منهم الرخصة في ذلك. وهذا موافق لأصول أهل المدينة، فإن من أصولهم: أن المقصود في العقود معتبرة"1.

ومن أقوال الإمام مالك المراعية لقصد المكلف في الفعل، ما جاء في الموطأ، في: باب القصاص في القتل "قال مالك في الرجل يمسك الرجل للرجل، فيضربه فيموت مكانه: أنه إن أمسكه، وهو يرى أنه يريد قتله، قتلا به جميعًا. وإن أمسكه وهو يرى أنه إنما يريد الضرب مما يضرب به الناس، لا يرى أنه عمد لقتله، فإنه يقتل القاتل، ويعاقب الممسك أشد العقوبة، ويسجن سنة، لأنه أمسكه، ولا يكون عليه القتل".

ومرة أخرى: فإن هذا النظر إلى مقاصد المكلفين في أفعالهم وأقوالهم، دون الاقتصار على ظواهرها، إنما هو منهج عمر، وجمهور الصحابة رضي الله عنهم. وقد روى مالك في موطئه: "أن رجلين استبا في زمان عمر بن الخطاب. فقال أحدهما للآخر: والله ما أبي بزان ولا أمي بزانية. فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب. فقال قائل: مدح أباه وأمه. وقال آخرون: قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا. نرى أن تجلده الحد. فجلده عمر الحد ثمانين.

قال مالك: لا حد عندنا إلا في نفي، أو قذف، أو تعريض يرى أن قائله إنما أراد بذلك نفيًا أو قذفًا. فعلى من قال ذلك: الحد تاما"2.

وهذا النص يلخص لنا ما حاولت بيانه في هذا الفصل برمته:

- ففيه أن الإمام مالكًا يصدر عن مذهب قائم: لا حد عندنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015