الأحكام الشرعية بما تتضمنه وتفضي إليه من جلب مصلحة أو دفع مفسدة. ولهذا قال: "المعاني المناسبة: ما تشير إلى وجوه المصالح وأماراتها. والمصلحة ترجع إلى جلب منفعة أو دفع مضرة. والعبارة الحاوية لها: أن المناسبة ترجع إلى رعاية أمر مقصود"1.
فالمناسبات المصلحية التي يصح التعليل بها، هي التي تتضمن رعاية مقصود من مقاصد الشارع، "وما أنفق عن رعاية أمر مقصود فليس مناسبًا. وما أشار إلى رعاية أمر مقصود، فهو مناسب"2.
وهذا التقييد الذي وضعه للتعليل المصلحي -أو التعليل بالمناسبة- بأنه ينبغي أن يتضمن رعاية مقصود من مقاصد الشارع، نجده في "المستصفى" أصرح وأوضح. وذلك عند تعرضه لحجية الاستصلاح -أو المصلحة المرسلة- حيث عرف المصلحة المعتد بها بقوله: "نعني بالمصلحة: المحافظة على مقصود الشارع"3 ثم عاد في نهاية بحثه للمصلحة المرسلة ليقرر ما يمكن اعتباره فصل الخطاب في مدى حجية الاستصلاح، فقال رحمه الله: "فكل مصلحة لا ترجع إلى حفظ مقصود فهم من الكتاب والسنة والإجماع4، وكانت من المصالح الغريبة التي لا تلاتئم تصرفات الشرع، فهي باطلة مطرحة. وكل مصلحة رجعت إلى حفظ مقصود شرعي علم كونه مقصودًا بالكتاب والسنة والإجماع، فليس خارجًا من هذه الأصول. لكنه لا يسمى قياسًا، بل مصلحة مرسلة"5 إلى أن قال: "وإذا فسرنا المصلحة بالمحافظة على مقصود الشرع فلا وجه للخلاف في اتباعها. بل يجب القطع بكونها حجة"6.
وفي "شفاء الغليل"، كما في "المستصفى"، حدد لنا أمهات المقاصد الشرعية، التي عليها مدار كل مقصود، شرعي، وكل مصلحة شرعية: ففي