وبالجملة: الدم معصوم بالقصاص. والفروج معصومة بالحدود. والأموال معصومة عن السراق بالقطع1.

أبو حامد الغزالي "ت 505 هـ":

الإمام الغزالي -كما أشرت قبل قليل- هو امتداد لشيخه أبي المعالي. فقد تشيع بفكره وآرائه، واصطبغ كثيرًا بمنهجه واختياراته. ولكنه -مع هذا كله- لم يقف عند حدود ما وقف عنده الإمام، سواء في علم أصول الفقه عمومًا، أو في مقاصد الشريعة خصوصًا. بل نقح وحور، وأضاف وطور. فصار -هو أيضًا- صاحب فضل وسبق، وصاحب المكانة المرموقة في مسيرة علم أصول الفقه، وفي العناية بمقاصد الشرعية على وجه الخصوص. وأصبحت منزلته بالنسبة إلى شيخه، يصدق عليها ما قاله شيخه نفسه، وهو يلتمس المرجحات لمذهب الشافعي على غيره2. حيث قال: "السابق وإن كان له حق الوضع والتأسيس والتأصيل، فللمتأخر الناقد حق التتميم والتكميل. وكل موضوع على الافتتاح، قد يتطرق إلى مبادئه بعض التثبيج3، ثم يتدرج المتأخر إلى التهذيب والتكميل فيكون المتأخر أحق أن يتبع لجمعه المذاهب إلى ما حصل السابق تأصيله. وهذا واضح في الحرف والصناعات، فضلًا عن العلوم"4.

وإذا كان الإمام الغزالي لم يأت بجديد يذكر، في مؤلفه الأصولي الأول -وهو "المنخول من تعليقات الأصول"- فإنه قد تقدم كثيرًا في التنقيح والتطوير، في كتابه "شفاء الغليل، في بيان الشبه والمخيل، ومسالك التعليل" ثم انتهى إلى ما هو أوضح وأنضج في كتاب "المستصفى من علم الأصول".

أما في "شفاء الغليل"، فقد تعرض لذكر المقاصد في سياق كلامه على "مسلك المناسبة" من مسالك التعليل. وهذا المسلك يقوم على أساس تعليل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015