لأنفسهم، وهو يحسنون ذلك. فهل يجوز لذلك الرجل عمله هذا؟ وهل تحل له الأجرة على هذه الحال؟
"فأجاب: أن هذا المعين للذبح، إما أن يكون بنظر مصلحي أولًا، فإن كان ينظر -لمحافظته على الصلوات وأحكام الذبح، وما أشبه ذلك من أمور الدين المتعلقة بما عين له- فلا بأس به. والأجرة في مثله جائزة. لأن العامة لا بد لهم مما يصلحهم، ولو سرح لجميع الجزارين، لذبح تارك الصلاة والسكران، والمتعمد لترك التسمية، وأشباه ذلك. وقد وقع مثل هذا لكثرة الفساد الواقع في هذا الزمان. وإن كان تعيينه بغير نظر1، بل يكون ثم من هو أحق منه بالتعيين، فليس الرجل هذا المعين، ولا سيما إن أخذ الأجرة كرهًا. فتجب عليه التوبة من هذه الحرفة والخروج عما أخذ من الجزارين لأصحابه"2.
وغير بعيد عن هذه الفتوى، نجد الونشريسي يورد رأي الشاطبي القائل بجواز فرض ضريبة على الناس، إذا عجز بيت المال عن القيام بمصالحهم العامة، ومستنده في هذا: المصلحة المرسلة.
وقد اشتهر الخلاف في هذا بين الشاطبي وشيخه أبي سعيد بن لب الذي كان يقول بعدم الجواز3.
وفي سياق هذه المسألة أورد الونشريسي فتوى استفتي فيها الفقيه القاضي أبو عمر بن منظور4، وهي فتوى نموذجية في النظر المصلحي المتوازن السديد. وقد جاء في مقدمتها و"حيثياتها":