"القياس المرسل" فقد ذكر أن المدين المدعي للإفلاس إذا لم يكن إفلاسه وإعساره معلومًا، يحبس حتى يثبت إفلاسه، أو يسلم به الدائن. وذكر أنهم مجمعون على هذا، وإن لم يأت فيه أثر صحيح. ثم قال: "وهذا دليل على القول بالقياس الذي تقتضيه المصلحة، وهو الذي يسمى بالقياس المرسل"1.
فهو قياس مرسل، لا يستند إلى أصل جزئي معين، ولكنه "تقتضيه المصلحة" وقد دعا الدكتور حسن الترابي، إلى التوسع في هذا النوع من القياس، وسماه "القياس الواسع"، حيث قال: "ولربما يجدينا أيضًا أن نتسع في القياس على الجزئيات، لنعتبر الطائفة من النصوص، ونستنبط من جملتها مقصدًا معينًا من مقاصد الدين. أو مصلحة معينة من مصالحه، ثم نتوخى ذلك المقصد حيثما كان في الظروف والحادثات الجديدة. وهذا فقه يقربنا من فقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأنه فقه مصالح عامة واسعة، لا يلتمس تكييف الواقعات الجزئية تفصيلًا -فيحكم على الواقعة قياسًا على ما يشابهها من واقعة سالفة- بل يركب مغزى اتجاهات سيرة الشريعة الأولى، ويحاول في ضوء ذلك توجيه الحياة الحاضرة"2.
وقد سماه أيضًا: القياس الإجمالي، وقياس المصالح المرسلة. وإذًا، فقد رجعنا إلى الاسم الأول، الاسم المعروف والسائد عند الأصوليين، وهو: المصالح أعني: اعتبار المصلحة والاجتهاد في رعايتها جلبا وحفظًا، ولو لم ترد فيها وفي تعينها نصوص خاصة.
ومن الفتاوى المصلحية لإمامنا أبي إسحاق، ما أورده صاحب المعيار من أن الشاطبي سئل عن رجل عن تعيينه ليقوم وحدة بالذبح والسلخ لجزاري السوق، مع إلزامهم بدفع أجرته، وهم غير راضين، ويريدون أن يذبحوا ويسلخوا