3- ونقل الشيخ مصطفى عبد الرزاق عن "البحر المحيط" "مخطوط" للزركشي قوله -وهو يسجل تطور التأليف الأصولي بعد الشافعي-: "وجاء من بعده، فبينوا وأوضحوا، وبسطوا وشرحوا، حتى جاء القاضيان: قاضي السنة أبو بكر بن الطيب، وقاضي المعتزلة عبد الجبار. فوسعا العبارات، وفكا الإشارات، وبينا الإجمال، ورفعا الإشكال، واقتفى الناس بآثارهم"1.
وإذا علمنا أن القاضي الباقلاني، متقدم على القاضي عبد الجبار "ت 415"، وأنه توسع في أصول الفقه أكثر -بكثير- من القاضي عبد الجبار، علمنا أن التحول الذي يشير إليه الزركشي يصدق على الباقلاني قبل غيره، وأكثر من غيره.
كما يصدق عليه -أكثر مما يصدق على عبد الجابر- ما ذهب إليه الشيخ مصطفى عبد الرزاق، من: "أن المتكلمين -منذ القرن الرابع الهجري- وضعوا أيديهم على علم أصول الفقه، وغلبت طريقتهم فيه طريقة الفقهاء، فنفذت إليه آثار الفلسفة والمنطق واتصل بهما اتصالًا وثيقًا"2.
فكون الباقلاني من أهل القرن الرابع مسألة لا غبار عليها، أما القاضي عبد الجبار فقد عاش في القرن الخامس شوطًا ذا بال. فلا غرو أن يعد من أهله.
على أن كتاب "العمد" للقاضي عبد الجبار، قد تم حفظه، من خلال شرحه "المعتمد"، لأبي الحسين البصري المعتزلي "ت 436". وقد نظرت في مختلف مباحثه، فلم أجد فيه شيئًا من مقاصد الشريعة.
وأنتقل الآن إلى الحلقات البارزة، من الأصوليين، الذين تعرضوا لذكر مقاصد الشرعية، بقدر أو بآخر، لأقدم أهم ما ذكروه في الموضوع، مما أمكنني الوقوف عليه: