إمام الحرمين "ت 478 هـ":
يعتبر إمام الحرمين "أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني" حلقة كبيرة، ومحطة بارزة، في مسيرة علم أصول الفقه، وهذه حقيقة معروفة مسلمة في تاريخ هذا العلم. ولا تحتاج إلى برهان أكثر من "البرهان"1 نفسه. فقد أصبح "البرهان" منطلق الكتابة والتأليف في أصول الفقه لمن بعده، مثلما كانت "الرسالة" للإمام الشافعي، منطلق الكتابات الأصولية خلال القرنين الثالث والرابع، بل إلى أيام أبي المعالي، حيث إن والده -المتوفى سنة 438- هو أحد شراح "الرسالة".
وحسبنا من أهمية إمام الحرمين في علم أصول الفقه، أنه صاحب أكثر تأثير وأعمقه، عن تلميذه الإمام أبي حامد الغزالي، الذي فاق شيخه شهرة ومكانة، وأول المؤلفات الأصولية للغزالي -وهو "المنخول"- ليس إلا ملخصات أمينة لآراء أبي المعالي2.