وعلى طول العهد، ودوام النظر، اجتمع لي في البدع والسنن أصول قررت أحكامها الشريعة، وفروع طالت أفنانها، لكنها تنتظمها تلك الأصول، وقلما توجد على الترتيب الذي سنح في الخاطر، فمالت إلى بثها النفس"1.
وأما مشاوراته فيما يؤلف ويكتب، فقد تقدم منها "في الفقرة السابقة" أنه كان أثناء تأليفه "الموافقات" يطالع تلميذه النبيه أبا جعفر القصار ببعض مسائلها ويباحثه فيها، قبل أن يدونها.
وعندما بدأ يفكر في تأليف كتاب "الاعتصام"، وتردد في ذلك بين الإقدام والإحجام، أخذ يستشير في الأمر بعض أحبائه وخواصه، من أهل العلم. وحكى ذلك بقوله: "ثم إني أخذت في ذلك مع بعض الإخوان، الذين أحللتهم من قلبي محل السويداء، وقاموا لي في عامة أدواء نفسي مقام الدواء. فرأوا أنه من العمل الذي لا شبهة في طلب الشرع نشره، ولا إشكال في أنه -بحسب الوقت- من أوجب الواجبات، فاستخرت الله تعالى في وضع كتاب2.
محنة الشاطبي:
ومحنة الشاطبي، هي أيضًا مما نستفيده -أساسًا- من كتاباته. فمترجمه الرئيسي -أحمد بابا التنبكتي- لم يذكر عن الموضوع إلا إشارة خاطفة، هي التي تضمنها قوله عنه:
"ومن شعره لما ابتلي بالبدع:
بليت يا قوم والبلوى منوعة ... بمن أداريه حتى كاد يرديني
دفع المضرة لا جلب لمصلحة ... فحسبي الله في عقلي وفي ديني3