وقد تحدث الشاطبي عن محنته مع البدع وأهلها في مقدمة كتابه "الاعتصام"1:

وذلك أنه قد تولى بعض خطط الجمهور، من الخطابة والإمامة ونحوهما. وأراد أن يسير فيها على ما يقتضيه العلم والحق. ولكنه اصطدام بما فشا في الناس من سيئ العادات، ومنكر البدع المحدثات. ووجد ذلك كله قد رسخ واستقر، فشب عليه الصغير وشاب عليه الكبير.

ووقف حائرًا مترددًا: هل يساير الناس على ما هم عليه، ويستسلم لعاداتهم وبدعهم، أم يتمسك بالأدلة وما تقتضيه، وينتصر للسنة وما تمليه؟ ولم يظل به التردد، فالحق أبلج.

وهكذا قام لأداء رسالته، وقد أيقن -كما يقول- "إن الهلاك في اتباع السنة هو النجاة. وأن الناس لن يغنوا عني من الله شيئًا، فأخذت في ذلك على حكم التدريج في بعض الأمور. فقامت عليَّ القيامة، وتواترت عليَّ الملامة، وفوق إليَّ العتاب سهامه، ونسبت إلى البدعة والضلالة، وأنزلت منزلة أهل البغاوة والجهالة"2.

وتوالت عليه الاتهامات والتلفيقات:

1- فقد نسب إليه القول بأن الدعاء لا ينفع، ولا فائدة فيه، بينما هو -فقط- لم يلتزم الدعاء الجماعي في إمامته للناس.

2- ونسب إلى التشيع والرفض وبغض الصحابة، فقط لأنه لم يلتزم ذكر الخلفاء الراشدين، في الخطبة على الخصوص.

3- ونسب إليه تجويز الخروج على الأئمة، لأنه لا يذكرهم في الخطبة، كما كان شأن السلف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015