سيأتي في الكلام عليها. وبلغ من تمسكهم به في القضاء أن القادر بالله استخلف مرة أبا العباس أحمد بن محمد البارزي الشافعي عن أبي محمد بن الأكفاني الحنفي قاضي بغداد، وكتب أبو حامد إلى السلطان محمود بن سبكتكين وأهل خراسان: أن الخليفة نقل القضاء عن الحنفية إلى الشافعية. فاشتهر ذلك وصار أهل بغداد حزبين ثارت بينهما الفتن، فاضطر الخليفة إلى جمع الأشراف والقضاة، وأخرج إليهم رسالة تتضمن أن الإسفراييني أدخل على أمير المؤمنين مداخل أوهمه فيها النصح والشفقة والأمانة، وكانت على أصول الدَّخَلِ والخيانة، فلما تبين له أمره، ووضح عنده خبث اعتقاده فيما سأل فيه من تقليد البارزي الحُكْمَ، وما في ذلك من الفساد والفتنة، والعدول بأمير المؤمنين عما كان عليه أسلافه من إيثار الحنفية وتقليدهم واستعمالهم، صرف البارزي، وأعاد الأمر إلى حقه، وأجراه على قديم رسمه، وحمل الحنفية على ما كانوا عليه من العناية والكرامة والحرمة والإعزاز. وتقدم إليهم ألا يلقوا أبا حامد، ولا يقضوا له حَقًّا، وَلاَ يَرُدُّوا عليه سلامًا. وخلع على أبي محمد الأكفاني، وانقطع أبو حامد عن دار الخلافة، وظهر التسخط عليه، والانحراف عنه، وذلك في سنة 393 هـ. واتصل ببلاد الشام ومصر (?).