وفي " طبقات الحنفية " (?) عندنا: أن أصحاب أبي حنيفة الذين دَوَّنُوا مذهبه أربعون رجلاً منهم: أبو يوسف، وَزُفَرْ، وأن أول من كتب كتبه أسد بن عمرو.
وفيها أيضًا أن نوح بن أبي مريم عُرِفَ بالجامع، لأنه أول من جمع فقه أبي حنيفة في قول، وقيل: لقب بذلك لجمعه بين علوم كثيرة.
ثم لما قام هارون الرشيد في الخلافة، وَوَلَّى القضاء أبا يوسف صاحب أبي حنيفة، بعد سنة سبعين ومائة، أصبحت تولية القضاء بيده، فلم يكن يُوَلِّي ببلاد العراق وخراسان، والشام ومصر - إلى أقصى عمل إفريقية - إلا من أشار به، وكان لا يُوَلِّي إلا أصحابه والمنتسبين إلى مذهبه، فاضطرت العامة إلى أحكامهم وفتاواهم، وفشا المذهب في هذه البلاد فشوًا عظيمًا.
كما فشا المالكي بالأندلس بسبب تمكن يحيى بن يحيى بن كثير عند الحكم المنتصر، حتى قال ابن حزم: مذهبان انتشرا في بدء أمرهما بالرئاسة والسلطان: الحنفي بالمشرق، والمالكي بالأندلس (?).
ولم يزل هذا المذهب غالبًا على هذه البلاد، لإيثار الخلفاء العباسيين بالقضاء، حتى تبدلت الأحوال وزاحمته المذاهب الثلاثة كما