إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (?) . فأخبر سبحانه أنّه جعله إماما للنّاس، وأنّ الظّالم من ذرّيّته لا ينال رتبة الإمامة. والظّالم: هو المشرك، وأخبر سبحانه أنّ عهده بالإمامة لا ينال من أشرك به. وقال تعالى:

إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (?) .

فالأمّة: هو القدوة المعلّم للخير، والقانت: المطيع لله الملازم لطاعته، والحنيف: المقبل على الله، المعرض عمّا سواه.

والمقصود: أنّ إبراهيم عليه السّلام: هو أبونا الثّالث، وهو إمام الحنفاء، ويسمّيه أهل الكتاب عمود العالم، وجميع أهل الملل متّفقة على تعظيمه وتولّيه ومحبّته. وكان خير بنيه سيّد ولد آدم محمّد صلّى الله عليه وسلّم يجلّه ويعظّمه ويبجّله ويحترمه، ففي «الصّحيحين» عن أنس بن مالك- رضي الله تعالى عنه- قال: جاء رجل إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا خير البريّة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ذاك إبراهيم» (?) . وسمّاه شيخه، كما تقدّم.

وثبت في «صحيح البخاريّ» من حديث سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: «إنّكم محشورون حفاة عراة غرلا، ثمّ قرأ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ» .

وأوّل من يكسى يوم القيامة إبراهيم» (?) .

وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أشبه الخلق به، كما في «الصّحيحين» عنه قال: «رأيت إبراهيم فإذا أقرب النّاس شبها به صاحبكم» يعني نفسه صلّى الله عليه وسلّم، وفى لفظ آخر «وأمّا إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم» (?) .

وكان صلّى الله عليه وسلّم يعوّذ أولاد ابنته حسنا وحسينا بتعويذ إبراهيم لإسماعيل وإسحاق، ففي «صحيح البخاريّ» عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: «كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعوّذ الحسن والحسين ويقول: «إنّ أباكما كان يعوّذ بهما إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التّامّة من كلّ شيطان وهامّة، ومن كلّ عين لامّة» (?) .

وكان صلّى الله عليه وسلّم أوّل من قرى الضّيف، وأوّل من اختتن، وأوّل من رأى الشّيب، فقال: «ما هذا يا ربّ؟ قال:

وقار، قال: ربّ زدني وقارا» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015