النّار «فقال رجل من القوم: أنا صاحبه (?) أبدا. قال فخرج معه. كلّما وقف وقف معه. وإذا أسرع أسرع معه. قال فجرح الرّجل جرحا شديدا. فاستعجل الموت فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه (?) . ثمّ تحامل على سيفه فقتل نفسه. فخرج الرّجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: أشهد أنّك رسول الله. قال: «وما ذاك؟ قال: الرّجل الّذي ذكرت آنفا أنّه من أهل النّار. فأعظم النّاس ذلك. فقلت: أنا لكم به فخرجت في طلبه حتّى جرح جرحا شديدا. فاستعجل الموت. فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه. ثمّ تحامل عليه فقتل نفسه. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عند ذلك: «إنّ الرّجل ليعمل عمل أهل الجنّة فيما يبدو للنّاس وهو من أهل النّار. وإنّ الرّجل ليعمل عمل أهل النّار فيما يبدو للنّاس وهو من أهل الجنّة» (?) .

3- قسم في المستقبل:

وهو ما أخبر به صلّى الله عليه وسلّم من المغيّبات زيادة على ما جاء في الكتاب العزيز فوقع بعد وفاته كما أخبر سواء بسواء.

والأحاديث في هذا القسم بحر لا يدرك قعره ولا ينزف (?) غمره (?) اعتنى بذكرها عدد كبير من الأئمّة الأعلام كالبيهقيّ في «دلائل النّبوّة» وابن كثير في «البداية والنّهاية» والسّيوطيّ في الخصائص الكبرى» .

ونقتصر على ذكر بعض النّماذج منها:

ظهور الإسلام وعلوّه:

- فعن خبّاب بن الأرتّ- رضي الله عنه-؛ قال: «شكونا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو متوسّد بردة له في ظلّ الكعبة قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا؟ قال: كان الرّجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشقّ باثنتين، وما يصدّه ذلك عن دينه، ويمشّط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصدّه ذلك عن دينه. والله ليتمّنّ هذا الأمر حتّى يسير الرّاكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلّا الله، والذّئب على غنمه، ولكنّكم تستعجلون» (?) .

وهكذا وقع فقد عمّ وظهر الدّين وغلب وعلا على سائر الأديان، في مشارق الأرض ومغاربها وعلت كلمته في عهد الصّحابة ومن بعدهم وذلّت لهم سائر البلاد ودان لهم جميع أهلها على اختلاف أصنافهم وألوانهم وصار النّاس إمّا مؤمن داخل في الدّين، وإمّا مهادن باذل الطّاعة والمال وإمّا محارب خائف وجل من سطوة الإسلام وأهله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015