أرجائها نور الإيمان وانحسرت القيم الخلقية فلم يعد لها في موازين الناس حساب.

من المؤسف حقّا أن تكون هذه هي الصورة في أغلب مجتمعات اليوم وشعوبه إلا ما رحم ربنا.

ولكن الإسلام دين الله الحق- قرآنا وسنة- قد جعل لمهمة تهذيب الأخلاق وتزكية النفوس واكتساب الفضائل مكانة كبرى ورتبة عليا ومقاما ساميا.

ولا بد في هذه المقدمة من وقفات مع الإسلام ونبي الإسلام، نوضح فيها هذا المقصد من خلال النظرة القرآنية ومقاصد البعثة المحمدية.

إن من حق قرآننا علينا أن نتدبر معانيه وأن نفهم مقاصده. ففيه ما يدل على هذه الأخلاق وتهذيبها ويرشد إلى الآداب الإسلامية واكتسابها، فهي أمور محكمة وآداب لكل خير جامعة.

ذلك أن القرآن هو كتاب الله الخالد ومعجزة رسوله الباقية ونعمته السابغة وحجته الدامغة وهو ينبوع الحكمة وآية الرسالة ونور الأبصار والبصائر وبحر لا يدرك غوره ولا تنفد درره ولا تفنى عجائبه ولا تقلع عن الغيث المدرار سحائبه ولا تنقضي آياته. أنزله ربنا لنقرأه تدبرا ونتأمله تبصرا ونسعد به تذكرا ونحمله على أحسن وجوهه ومعانيه ونجتهد في إقامة أوامره ونواهيه وكلما ازدادت البصائر فيه تأملا زادها هداية وتبصرا. أنزله ربنا وصرّفه وعدا ووعيدا وأمرا ونهيا وترغيبا وترهيبا وتشريفا وسياسة وحكمة وعلما ورحمة وعدلا واشتمل على أصول العقائد وقواعد الأحكام ودعائم الأخلاق.

وهذه إشارة لنموذج قرآني من حشد الوصايا الأخلاقية حثّا على المحمود وتنفيرا من المذموم انتظمت في سورة واحدة وسياق متتابع، يقول سبحانه: وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً* رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً* وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً* وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً* وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً* إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً* وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً* وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا* وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً* وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا* وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا* وَلا تَقْفُ ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015