تقديم فضيلة الشيخ الدكتور/ صالح بن عبد الله بن حميد

إمام وخطيب المسجد الحرام وعميد كلية الشريعة بجامعة أم القرى سابقا المنهج العلمي للموسوعة الحمد لله الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين، أرسله على حين فترة من الرسل وحاجة من البشر، بعثه بالدلائل الواضحة والحجج القاطعة والبراهين الساطعة. أيقظ به العقول من سباتها وصرف به النفوس عن أهوائها فكان صلّى الله عليه وسلّم بإذن ربه مصدر خير ومبعث نور وشمس هداية، بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ودعا إلى الحق، فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه حيّا وميتا أفضل صلاة وأطيب سلام وأزكى بركة. نشر الله محبته ورفع في أعلى عليين درجته وصلى ورضي على آله وأصحابه وورثة هديه من العلماء العاملين والدعاة المصلحين الذين فقهوا دين الله وأدركوا مراميه وفهموا مقاصده واستنوا بهديه وعملوا بأحكامه ودعوا إليه بالحكمة والموعظة الحسنة وبذلوا أنفسهم ونفيسهم فهدى الله بهم العباد وفتح على أيديهم البلاد.

أما بعد فإن أولى ما اختاره الإنسان لنفسه بعد إيمانه بربه أن يكون مرتاضا بمكارم الأخلاق ومحاسنها متجافيا عن سيئها متنزها عن سفسافها آخذا في جميع الأحوال بالفضائل، عادلا في كل أفعاله عن طرق الرذائل، يجعل مقصده اكتساب كل شيمة سليمة من المعايب، ويصرف همته إلى اقتناء كل خيم (?) كريم خالص من الشوائب، يبذل جهده في تجنب كل خصلة رديئة ويستفرغ وسعه في اطراح كل خلة ذميمة، فيحوز الكمال بتهذيب خلائقه، ويكتسي حلل الجمال بدماثة شمائله.

وإن المبتديء في تطلب هذه المرتبة والراغب في بلوغ هذه المنزلة ربما خفيت عليه الخلال المستحسنة التي يعنيه تحريها وقد تلتبس عليه الصفات المستقبحة التي غرضه توقيها.

ويزداد الغموض ويغلظ اللبس في هذه العصور المتأخرة التي تعيش الأمم في أغلبها حياة مادية مظلمة يتنكرون فيها للدين ويسخرون من القيم، ابتلوا فيه بما ينهك الروح ويرهق الأعصاب، إيغال في التقدم المادي مظلم وحضارة عند العقلاء حمقاء، انفلت فيها زمام العقل والخلق، وطغت في جنباتها ظلمات الإلحاد وانطفأ في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015