معناه: وإنك لعلى دين عظيم من الأديان، وليس هناك دين أحب إلى الله تعالى ولا أرضى عنده منه لقوله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ (?) .
هي إذن موسوعة الدعاة إلى الله- عز وجل- هؤلاء الذين وصفهم الله- عز وجل- وهو مالك خزائن الحسن والإحسان، بأنهم أحسن الناس قولا، يقول سبحانه:
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (?) .
ولكم أيها الأخوة والأخوات الوقوف على هذه الآية والتأمل والتدبر في معناها وقتا طويلا لتعرفوا كم نحن مقصرون في أداء واجب حمل الأمانة التي حمّلنا إياها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في إبلاغ الدعوة أداء لحق الوراثة في هذا التبليغ (?) .
فأين نحن من الاقتداء بحياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحياة صحابته الكرام الذين اقتدوا به في الدعوة إلى الله وهم الذين تفرقوا بين مشارق الأرض ومغاربها وتوفوا في أبعد الأمصار في سبيل رفع كلمة الله؟
نحن أحفاد الصحابة- رضي الله عنهم- فأين نحن إذا من رفع راية هذا الشرف العظيم؟
يقول بعض علماء السلف الصالح: «إنه إذا كان شرف المطلوب بشرف نتائجه، وعظم خطره بكثرة منافعه، وبحسب منافعه تجب العناية به، وعلى قدر العناية به يكون اجتناء ثمرته، ولما كان أعظم الأمور خطرا وقدرا، وأعمها نفعا ورفدا، ما استقام به أمر الدين والدنيا وانتظم به صلاح الآخرة والأولى» .
لما كان الأمر كذلك وجب أن نضع نصب أعيننا التحديات الآتية:- أولا: إن موضوع الحفاظ على القيم الأخلاقية والمثل العليا في المجتمعات الإنسانية عامة، والإسلامية بصفة خاصة هو موضوع الساعة، ذلك أن هذه القيم باتت مهددة نتيجة للانحلال الفكري والثقافي المتواصل نتيجة الصراع بين المثل العليا والتطور الإنساني الذي انصرف إلى تنمية مقدرات ومهارات الإنسان العلمية والتقنية ليلحق لاهثا بسير ركب التقدم التقني وذلك على حساب إهمال دور القيم المتعلقة بأمور الدين والعقيدة وحياة الفرد والأسرة والمجتمع، وهذا هو الطغيان وإيثار حب الحياة الدنيا الذي ذمه الله تعالى بقوله: فَأَمَّا مَنْ طَغى * وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا* فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (?) .
فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (?) .
وهو الضلال الذي وصفه عز وجل بقوله:
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (?) .